فاعلية برنامج تعليمي قائم على المدخل الجمالي في تنمية مهارات النقد الفني والتذوق الفني نحو التربية الفنية لدى طالبات الصف التاسع المتوسط في دولة الكويت

العتيبي، حصة ضيف الله ثامر حسن. - 2024 - (دكتوراه)- جامعة عين شمس. كلية التربية. قسم المناهج وطرق التدريس.


ملخص البحث
ينطلق المدخل الجمالي من فلسفة مفادها أن الجمال صفة في كل الظواهر العلمية، ومساعدة الطلاب على إدراك هذا الجمال في أثناء دراستهم لتلك الظواهر العلمية يحقق فهما وتعلما أعمق لتلك الظواهر إذ أنه يؤكد على أهمية الاتساق والتناسب في توضيح جمال الظاهرة العلمية ويُعد المعلم فيه هو الفنان الذي ييسر نمو الطالب وأنه لا يوجد نشاط عقلي كامل بدون حس وإدراك جمالي.
ورآى المعرفيون إن الإحساس الجمالي يتم من خلال العمليات العقلية ولا يقتصر على وجود المثيرات، فعلم الجمال عندهم هو فرع من فروع علم النفس المعرفي، وأن إدراك الجمال يرتبط بالعمليات المعرفية من إدراك وانتباه وتذكر وتحليل وغيرها، فالتفصيل الجمالي عملية معرفية تقوم على عمليات التمثل والمواءمة، كما اعتمدوا على مفهوم المخططات العقلية في تفسيرهم عملية التفضيل الجمالي، وتكمن أهمية التربية الجمالية في الآتي:
• تساعد التربية الجمالية على تنمية الشخصية بشكل متكامل ومتوازن: فاندماج الطالب في الأنشطة الإبداعية والاستمتاع بها يغرس في الطالب قيماً واتجاهات تساعده على تنمية عواطفه فضلاً عن المعرفة الحسية.
• تنمية الأخلاق: فقد أكد جون ديوي على أن هناك علاقة وثيقة بين الجمال والأخلاق، وأن الخلل الذي يطال عاطفة الجمال والإحساس به يؤدي إلى فقدان السعادة.
• تنمية المقدرة على التذوق الجمالي: فمن خلال التربية الجمالية يستطيع الطالب فهم الفنون، وتذوقها والاستمتاع بها، كما أن التربية الجمالية تساعد على اكتشاف الميول عند الفرد والمهارات الفنية وتعمل على تنميتها من خلال تدريبه على تنظيم عناصر العمل ككل تنظيما عضوياً.
• الاستمتاع والتسلية وشغل أوقات الفراغ: الإنسان بطبيعته بحاجة إلى الترفية عن النفس، وأن الخبرات في النشاطات الترويحية ذات قيمة كبيرة له.
• تنمية المقدرة على الإبداع: تتميز الخبرات الجمالية التي تعمل على تحقيق التربية الجمالية بأنها ذات نمط إبداعي متميز.
إن التركيز في العمل الفني يجب أن يكون على عناصر الجمال التي اتفق عليها فلاسفة الجمال، ويمكن عقدها مظاهر أساسية للجمال في الأعمال الفنية، وتتضح تلك العناصر عند التدريس وهي النظام، الترتيب، التناسب، التنوع، الوحدة، التناسق، البساطة، التوازن والاتزان، الإيقاع، التكامل، التوفق والانسجام.
إنه لنجاح استخدام المدخل الجمالي في تدريس التربية الفنية يتبقي مراعاة مجموعة من الشروط التي لابد من توافرها حتى تحدث الاستفادة من المدخل الجمالي وهذه الشروط تتمثل فيما يلي:
• المعلم الفنان: وهو المعلم الفنان الذي ينتمي شخصية التلميذ كعالم وفنان وتقوم كل من الموهبة الفطرية والتدريب بدور مهم في ذلك، وهناك بعض الصفات لهذا المعلم وهي:
- الابتكارية Inventiveness فهو يبتكر الأنشطة الفنية المناسبة للمحتوى والأهداف.
- العقوبة Spontaneity بمعنى أن يكون قادراً على اتخاذ القرار المناسب نتيجة خبرته وتمكنه.
- التبصر Perceptivity بمعنى قدرته على إدراك مواهب التلاميذ ومساعدة كلتلميذ ليكون شخصية متفردة ومتميزة.
- الحكم الحدسي Intuitive Judgment وهو عنصر أساسي في الاكتشاف وحل المشكلات وصنع القرار كوسيلة للتنبؤ وكشف الحقيقة.
• طرق تدريس تتيح اندماج التلميذ: المقصود بها أن تعطي طرق وأساليب التدريس بتهيئة الظروف لمشاركة المتعلم في عملية التعلم، وتشجيع الأنشطة التفاعلية التي تزيد من الإبداع بحيث يكون التلميذ عنصراً فعالاً في عملية التعلم وضرورة مراعاة التكامل والمقارنة والاستكشاف والابتكار.
• مصادر تعلم تتبنى المدخل الجمالي: ينبغي توفير مصادر التعلم والوسائل التعليمية والمعينات التي تتبنى المدخل الجمالي وتساعد على تأكيد النواحي الجمالية بما تحمله من مثيرات متنوعة ويمكن استخدام الصور والخرائط والأفلام المصحوبة بالصوت والعينات، وغير ذلك كتنظيم رحلات للأماكن الطبيعية والمظاهر الحضارية والمتاحف كأماكن للتعلم، مما يثري العملية التعليمية وضرورة وجود أنشطة ترتبط بهذه الوسائل والمصادر.
• مراعاة المستوى العقلي للتلاميذ: وتدور حول مدى إدراك التلاميذ لعناصر الجمال من شكل ولون وملمس وغيرها ومراعاة مراحل نمو الفهم والإحساس بالجمال ويتميز طلاب المرحلة المتوسطة ببعض خصائص النمو الجمالي فيما يلي: تبدأ مرحلة التفكير المجرد وممارسة التصور العقلي بعد أن كان العقل يعتمد على التفكير العيني، ويصبح التلميذ في هذه المرحلة قادراً على التفكير واستنتاج علاقات منطقية لأنه أصبح له القدرة على التفكير والربط بين أكثر من متغير في آن واحد ويمكنه الإحساس والتفكير في عناصر الجمال من خط وشكل ولون وملمس والعلاقات التي تربطهم جميعاً، ولتدريس الجمال في هذه المرحلة لابد من تناوله من خلال مفاهيم التنوع والتكيف والتغير والعلاقات الداخلية وتقديم عناصر الجمال في إطار تلك المفاهيم.
• التنويع في استخدام التقويم: يشمل التقويم البنائي Formative Evaluation والتقويم النهائي Evaluation، كذلك يجب الاهتمام بقياس مقومات شخصية التلميذ بشتى جوانبها وليس الجانب المعرفي فقط وهو ما يسمى بالتقويم الواقعي Authentic Assessment فقد أسس التقويم الواقعي كالآتي: العمليات العقلية ومهارات التقصي والاكتشاف يجب مراعاتها لحل المشكلات، ويقتضي أن تكون المشكلات أو الأعمال المطروحة واقعية تمس حياة التلاميذ، وإنجازات التلاميذ هي عادة التقويم الواقعي وليس حفظهم للمعلومات، ومراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ وتوفير عديد من الأنشطة، ويتطلب التقويم الواقعي التعاون بين التلاميذ.
• تأسيس بيئة تعليمية ثرية والمحافظة عليها: وذلك من خلال التفاعل الصفي بين الطلاب وبينهم وبين المعلم واستخدام لغة حوار جذابة، وتنظيم عملية التدريس في صورة تحفز التفكير، وإعداد الأدوات التعليمية المناسبة وتنظيم خبرات التعلم واستخدام أساليب تدريس متنوعة تراعي الفروق الفردية بين المتعلمين.
دور المعلم عند استخدام المدخل الجمالي ودور المعلم في ضوء المدخل الجمالي في كونه:
- مرشد لتلاميذه يساعدهم في تلخيص وتصنيف المعلومات وإجراء المقارنات بينها.
- تدريب التلاميذ على النظرة الكلية للأمور أثناء حق المشكلات في إطار منظومي.
- قيادة التلاميذ نحو الابتكار والاكتشاف للوصول لحل المشكلة، كما يؤكد هاين Haiyan على أنه يجب أن يدرس التلاميذ ليتذوقوا السحر الداخلي للترابط بين الأجزاء المتفرقة وليكونوا معرفة متماسكة الترتيب وأن يخضوا عملية جمع المعلومات كمرحلة من مراحل الاكتشاف ووضع أرائهم ومقترحاتهم الخاصة كطريقة حل ذكية، أي أن دور المعلم عند استخدام المدخل الجمالي في مساعدة المتعلمين على اكتساب المعرفة وتذويتها وتطويرها من خلال أساليب تمتاز بالحس والذوق الجمالي المعرفي والأساليب التدريسية الملائمة وذلك ضمن أداء كلي يتسم بالفكاهة والعفوية، الأمر الذي يتيح للتلاميذ إطلاق العنان لتفكيرهم ومشاركة انفعالاتهم لمواقف التعلم إلى تميز المعلمين في طريقة التمهيد الشيقة للدرس، واستثارتهم للتفاعل الصفي بشكل فاعل، وتوظيف أوجه البيان والتشبيه والأمثلة الواقعية بشكل جيد، إضافة إلى تميزهم بقوة الحضور والعقوبة وحس الفكاهة والميل إلى المرح.
والتربية الفنية مادة علمية مثلها مثل المواد الدراسية الأخرى، قد حظيت باهتمام التربويين والمتخصصين لإبراز أهميتها في تنمية إحساس المتعلمين بمواطن الجمال من حولهم، وتهذيب الإحساس، وتكوين الشخصية، كما تمد التربية الفنية المتعلم بالقيم الجمالية التي يمكن أن تساعده في تنمية الجانب الوجداني لديه وهو الجانب الأقل خظا في الاهتمام بتنميته على حساب الجوانب الأخرى كالمعرفية والمهارية.
لذا فمن الضروري الاهتمام بمناهج التربية الفنية بمراحلها المختلفة، وتسليط الضوء على الجوانب الجمالية في الأعمال الفنية وفي الأشياء من حولهم، إذ أن إهمال تلك الجوانب الجمالية يخلف جيلا غير قادر على تنمية وتطوير الحس الجمالي والارتقاء به بما ينعكس سلبا على العلاقات الإنسانية وعلى البيئة المحيطة.
والنقد الفني أحد الميادين الفنية التي تقوم بدور إيجابي في تنمية الجوانب الوجدانية، من خلال الحكم على مواطن الجمال في كل ما يحيط بالمتعلمين، وله مردود إيجابي أيضاً من الناحية السلوكية المتفاعلة بين الفرد والمجتمع، بهدف التوصل إلى حياة أفضل يكون الجمال فيها عنصراً حيوياً دائم النماء حسب معطيات العصر وتطوره، وقد يتحقق ذلك من خلال النظر لمخلوقات الله عز وجل، وإبداعات المبدعين فتتولد لديه استجابة جمالية تساعده على نمو قدراته وميوله.
وللنقد الفني مكانه كبيرة في ضرورة تنميته والاهتمام به، حيث يمثل النقد الفني أعلى مستوى معرفي وهو مستوى التقويم وهو القدرة على إصدار الأحكام، حيث يتم من خلال النقد الفني أيضاً إصدار الأحكام الجمالية وغير الجمالية على الأعمال الفنية.
وأن النقد الفني يشجع الطلاب على التفاعل مع الفن، وذلك عن طريق وضع الفرضيات، وإصدار الأحكام، وتدريبه على أن يكون عارفاً بأهداف الفنان، والقيم الموجوده في العمل الفني، وعلاقتها بالمجتمع والقيم الاجتماعية والنظر إلى الفن باعتباره بانيا وعاكسا لهذه القيم.
وأن النقد الفني يتضمن التقييم وإصدار الأحكام، وممارسة لنشاط فكري يساعد المتعلمين على معرفة طرق لفهم الأعمال الفنية، والحديث عنها من خلال فعال يمارس فيه كل من المعلم، والطالب تبادل الأفكار، والمعلومات حول مفاهيم الفن، والقيم الجمالية، التي تصف، وتفسر، وتحلل الأعمال الفنية، والتي توفر للطلاب ثقافة فنية كافية، لفهم جمالية العمل الفني في سياق تاريخي، أو معاصر.
ومن ناحية أخرى فإن التذوق الفني اتصال وتواصل بين أعمال الفنان وبين المتذوق أو المستمتع بها أو المتفاعل معها برؤية تأملية وأيضاً هناك تواصل في اتجاه عكسي نتيجة لرد فعل الجمهور واستجابته لأعمال الفنان؛ وبذلك نرى أن عملية التذوق الفني ذات اتجاه مزدوج بين الفنان وأعماله من جهة وبين المتذوق واستجابته لها من جهة أخرى، فهي عملية تبادل وجداني وفكري ونفسي لها صفة الترابط الاجتماعي التي هي من أهم وظائف الفن ودوره في توحيد أفكار ومشاعر وأحاسيس أفراد المجتمع.
وهو بذلك تقويم لمادة معروضة من طرف على طرف آخر تكون له استجابة تقويمية تحمل المتعة من المتلقي لأحد الأعمال الفنية، وهو موضوع من مواضيع الجمال يستند بالضرورة إلى تصورات وأحكام وأن هذه الأحكام في النهاية مسألة ذوق شخصي، أي أنه عملية اتصال تقتضي وجود طرفين أحدهما المرسل والثاني المتلقي والذي يحمل إحساس عال بينهما قناة للتوصيل ورسالة محمولة تحمل رؤية فنية جمالية.
وإذا كان النقد الفني أحد أهداف التربية الفنية باعتباره هدفاً معرفيا فإن التذوق الفني أحد أهداف التربية الفنية المهمة وحيث ينتمي إلى المجال الوجداني.
وقد جاء في قاموس Wepster أن التذوق هو القدرة على تمييز الشيء الجميل العادي أو القدرة على استنباط كلما هو جميل في الفن أو الطبيعة أو نمو حساسية الفرد والمتلقي لأنه يترك بصمة واضحة في مخيلته وذاكرته وتلعب جمالية العمل الفني دورًا كبيرًا في جذب الانتباه للمتلقي، إلى أن التذوق الفني يكتسب أهميته من خلال الأدوار التي يقوم بها ويؤثر بواسطتها في الفنون التشكيلية التي تعد جزءاً من الثقافة المجتمعية، فالنقد الفني يتخذ من وسائل الإعلام العام أداة للوصول إلى هدف معين وهو الرقي بالذوق العام في المجتمع من خلال شرح وتفسير القيم الفنية في الإنتاج الفني والكيفية التي يجب أن ينتج بها العمل الفني ويقف في مواجهة التيار الفكري المتعارض مع قيم المجتمع الخاصة، وأن المتلقي للعمل الفني أو المتذوق يفترض فيه أنه نال قسطاً من التدريب للفكر والأحاسيس لكي ينفعل مع الأشياء انفعالاً أقرب أن يكون مبدعاً وإبداعه إبداع داخلي وأكد على تسابه خبرة الفنان المتذوق وخبرة الفنان، كما أن التذوق عندما يقبل على مشاهدة الصورة أو العمل الفني إنما يركز بصره نحو تلك الجهة التي يدله عليها الفنان وكأنه ينظر من خلال نافذة قد أعدها له الفنان أثناء إبداعه لعمله محاولاً أن يعيد في نفسه تسلسل العمليات التقنية والمعنوية والذهنية التي كان قدمر بها الفنان أثناء إنجازه لعمله، إن جهد المتلقي أو المتذوق هو مكافأته الخاصة وهي تحقيق الخبرة وخبرته تنمي نفسها بنفسها ويستحصر تذوقا أفضل.
تتحدد مشكلة البحث في السؤال الرئيس الآتي: كيف يمكن توظيف المدخل الحالي في تنمية مهارات النقد الفني ومهارات التذوق الفني في التربية الفنية لدى طالبات الصف التاسع المتوسط؟
ويتفرع عن هذا السؤال الأسئلة الآتية:
1. ما مهارات النقد الفني والتذوق الفني المناسبة لطالبات الصف التاسع المتوسط؟
2. ما أسس بناء برنامج على المدخل الجمالي لتنمية مهارات النقد الفني والتذوق الفني لدى هؤلاء الطالبات؟
3. كيف يمكن بناء برنامج يحقق هذه الأسس من حيث عناصر البرنامج التعليمي التي تراعي عناصر الجمال الفني، ومهارات النقد والتذوق الفني، والأنشطة التدريسية، وأنواع التقويم والتأكد من صدق البرنامج؟
4. ما متطلبات هذا البرنامج القائم على المدخل الجمالي من حيث :
أ ) اختبار النقد الفني والتذوق الفني والتأكد من صدقه وثباته.
ب) أوراق عمل لطالبات الصف التاسع.
ج ) الدليل الإرشادي لمعلم التربية الفنية إلى هذا البرنامج.
5. ما فاعلية تطبيق هذا البرنامج على مجموعة من طالبات الصف التاسع المتوسط؟
6. ما أهم النتائج العلمية والعملية التي توصل إليها هذا البحث، وما دلالتها تفسيرا ومناقشتها، وكيف يمكن تطبيقها ميدانيا؟
وتمثلت نتائج البحث في:
• بناء برنامج تعليمي قائم على المدخل الجمالي في تنمية مهارات النقد الفني والتذوق الفني.
• قدم البحث دليلاً لمعلمة التربية الفنية.
• أعد البحث أربعة اختبارات النقد الفني والتذوق الفني للمعرفة التقريرية والمعرفة الإجرائيه.
• يوجد فرق ذو دلالة إحصائية بين متوسطي درجات طالبات مجموعة البحث في التطبيقين القبلي والبعدي لاختبار مهارات النقد الفني لصالح التطبيق البعدي .
• يوجد فرق ذو دلالة إحصائية بين متوسطي درجات طالبات مجموعة البحث في التطبيقين القبلي والبعدي لاختبار مهارات التذوق الفني لصالح التطبيق البعدي .
• يوجد ارتباط موجب بين تنتمية مهارات النقد الفني ومهارات التذوق الفني لدى طالبات الصف التاسع المتوسط.


انشء في: ثلاثاء 1 أكتوبر 2024 07:57
مشاركة عبر