آراء الرضي النحوية في شرح الكافية
جامعة الإسكندرية كلية الآداب قسم اللغة العربيةوآدابها دكتوراة 2008 محمد مسعود علي حسن عيسى
"في خاتمة هذه الدراسة نستنتج أن الرضي في شرحه للكافية كان منتهجاً نهج المدرسة البغدادية ؛ لذا فهو يُعد من أعلام المدرسة البغدادية .
- آراء الرضي تتميز بأنها تجعل قواعد اللغة العربية سهلة وميسرة لمن أراد تعلمها ؛ وذلك لما تميزت به آراء الرضي من الوضوح والبعد عن التعقيد والغموض ؛ وذلك كما رأينا تخريجه لقوله تعالى : "" قَالَتْ نَمْلَةٌ ""[النمل/18] .
- الرضي في احتجاجه يحتكم إلى ما سمع من العرب بجانب القياس كذلك , وإلى الاستعمال اللغوي عند العرب .
- الرضي يفطن إلى أن القرائن التي تصاحب الفعل هي التي تساعد في تحديد زمنه بدقة .
- الرضي لم يكن ناقلاً لآراء السابقين فحسب , بل مناقشاً لها مرجحاً لبعضها أحياناً مع ذكره العلة في ترجيحه هذا , أو مبيناً فساد مذهب ما مع بيان حجته في ذلك , أو مبدياً رأياً قد تفرد وتميز هو به .
- الرضي في رأيه يبعد عن الآراء التي تحتاج إلى تقدير محذوفات ما وجد إلى ذلك سبيلاً , فآراؤه تتميز في معظمها بالتيسير للغة وتعلمها .
- الرضي يدعم رأيه بحجج منطقية مقنعة .
- اهتمام الرضي بالمعنى المفهوم من السياق يساعده في تحديد رأيه النحوي .
- تفرد الرضي في عدم اشتراطه أن يكون المفعول الثاني للفعل "" سمع "" فعلاً دالاً على النطق .
- تفرد الرضي بقوله : إن ""حيث "" قد تستعمل كـ( اسم ) مضاف إلى الجملة بعده .
- وكذا تفرده بقوله : "" رُبَّ "" مبتدأ لا خبر له .
- أجاز الرضي إقامة المفعول الثاني لـ""علمت"" معرفة كان أو نكرة عن الفاعل بعد بناء الفعل لما لم يسم فاعله مع أمن اللبس بشرط أن يلزم كل من المفعولين مركزه , فهو يعد متفرداً بهذا الرأي , وكذا قوله في حالة فقد المفعول به : الأولى أن يحل محل الفاعل وينوب عنه كل ما كان أدخل في عناية المتكلم واهتمامه بذكره وتخصيص الفعل به ، يعد متفرداً بذلك الرأي .
- النحو عند الرضي لخدمة المعنى .
- الرضي متفق مع غيره من النحاة في ظاهرة الحذف في اللغة , فهو مقر بوجودها في اللغة العربية ، ولكنه لا يلجأ لتقدير الحذف إلاَّ بقدر ما يقتضي المعنى , فهو يحرص على أن تكون القاعدة النحوية موافقة للكلام المسموع من العرب .
- الرضي يرجح وجود التضمين في الأفعال , ويرجح أن الفعل اللازم إذا نصب مفعولاً فإنه يتعدى إليه بنفسه بعد حذف حرف الجر , وذلك الحذف إنما هو لكثرة الاستعمال عند العرب . وأمَّا بالنسبة للتضمين في حروف الجر فهو يرجح بقاءها على معانيها الأصلية .
- أمَّا بالنسبة لموقفه من الضرورة الشعرية , فهو يجوِّز للشاعر ما لا يجوز في الكلام , ولكن بشرط أن يضطر الشاعر إلى ذلك , ولا يجد منه بُدًّا , ويكون ذلك في ردِّ فرعٍ إلى أصل , أو تشبيه غير جائز بجائز .
- والرضي كما سبق أن قلت : لم يكن ناقلاً لآراء الآخرين فحسب , بل موضحاً بالأدلة والتمثيل الجيد لكلامهم , ومصححاً لبعض آرائهم ومؤيدًا لبعضها ومضيفاً إليها آراءً أخرى مفيدة أثَّرت في الدراسات النحوية ؛ ومنها مثلاً : تفرده بأن حذف الخبر في : "" كل رجل وضيعته "" غالب لا واجب , وكذلك قوله : بأن حذف خبر "" ليت "" وجوباً بلا سادٍّ مسدَّه في : "" ليت شعري أزيد عندك أم عمرو "" , والعلة أيضاً في حذفه هي لكثرة الاستعمال .
- الرضي يقف ناقداً للنحاة ,كنقده لابن الحاجب , وابن كيسان .
- الرضي كان يفترض وجود دوافع دفعت أصحاب الرأي المخالف لذكر رأيهم هذا , ثم يرد هو عليهم ويبين ما وقعوا فيه من خطأ , ويثبت صحة رأيه هو.
- الرضي له تأثير في الدراسات النحوية , ومن ذلك قوله ضمن كلامه في حكم زيادة "" ثم "" العاطفة : "" وكل ما جاء من مثله فإن أمكن الاعتذار فهو أولى , وإلاّ فليحكم بزيادة الحرف "" . وفيه كذلك إشارة إلى أن النحو عنده لخدمة المعنى .
- الرضي لا يعترف بوجود ما يسمى عطف بيان .
- الرضي في احتجاجه يهتم بالمسموع من العرب , ويحتكم إليه بجانب القياس .
- "" إذا "" ظرفية ويجوز أن تخرج إلى الاسمية .
- حرف الجواب "" نعم "" لا يقع موقع ""بلى"" حتى ولو جاء بعد همزة داخلة على نفي لفائدة التقرير.
- "" بلى "" حرف جواب لا يأتي إلا بعد النفي , وهذا هو الكثير الفصيح , ولكن يجوز وقوعها بعد الإيجاب أوبالتحديد بعد الاستفهام المجرد من النفي , ولكنه يجوز بقلة .
- الرضي يرى أن "" خلا "" و "" عدا "" فاعلهما ضمير مستتر يعود على المصدر المفهوم من الفعل المتقدم .
- الرضي في آراء كثيرة له تظهر عبقريته النحوية .
- الرضي في تجويزه بناء أفعل التفضيل من الأفعال الناقصة يعد متفرداً بهذا الرأي .
- منع النحاة دخول أداة النداء على المعرَّف بالألف واللام كراهة اجتماع حرفي التعريف , قال الرضي : وفيه نظر ، لأن اجتماع حرفين في أحدهما من الفائدة ما في الآخر وزيادة لا يستنكر ، قالوا : وليس المحذور اجتماع التعريفين المتغايرين ، بدليل قولك : "" يا هذا "" و "" يا عبد الله "" و "" يا أنت "" و "" يا ألله "" ؛ بل الممتنع اجتماع أداتي التعريف لحصول الاستغناء بأحدهما . وأنا أرى أنه ينبغي أن يُرَد سبب ذلك إلى الكلام الموروث عن العرب دون البحث عن العلة في ذلك .
- قول الرضي بأنه إذا حذف جواب الشرط عند اجتماع القسم بالشرط , وقد تقدم القسم فالأكثر وقوع الشرط ماضياً لفظاً أو معنى , ويقل مجيئه مضارعاً غير منفي بـ(لم ) .
- الرضي في قوله : اسم الفعل كان له في الأصل محل من الإعراب فلما انتقل إلى معنى الفعلية ، والفعل لا محل له من الإعراب في الأصل لم يبق له محل من الإعراب يُعد في هذا الرأي متفرداً به عن غيره من النحاة , بل أثر فيمن أتى بعده من النحاة كالسيوطي .
- وكذا في قوله في الكاف المتصلة بأسماء الأفعال : إن كان الكاف قد اتصل بما هو ظرف أو حرف جر في الأصل فهو اسم مجرور نظراً إلى أصله , وإن لم يكن ظرفاً أو حرف جر نُظِرَ فيه , فإن كان مصدراً مضافاً واسم فعل معاً احتمل كون الكاف اسماً مجروراً نظراً للأصل, واحتمل كونه حرف خطاب نظراً لكون الاسم اسم فعل . فهو يعد منفرداً بهذا الرأي .
- تأثر الرضي بعلم الكلام والمنطق يظهر ذلك في ثنايا شرحه للكافية .
- الرضي يرى أن ""سراويل"" تصرف على اعتبار زوال الجمعية بوقوعه على الواحد , ويجوز منعه من الصرف على اعتبار الوزن المقدر, وهو بهذا الرأي يعد متفرداً , والله أعلم.
- وكذا قوله : الصفة المشبهة تعمل في غير السببي إذا كان في معمول آخر لها ضمير صاحبها ,
أو اعتمدت على حرف الاستفهام أو النفي .
- الرضي يقر بنظرية العامل في النحو العربي , فهو يقول : العمل في الحقيقة إنما هو للمتكلم نفسه , والآلة هي العامل , ومحلها : الاسم , وكذا الموجد لعلامات المعاني النحوية هوالمتكلم , لكن النحاة جعلوا الآلة كأنها هي الموجدة للمعاني ولعلاماتها . وكأنه أراد أن يقول :
العمل في الحقيقة إنما هو للمتكلم , ولكن فكرة العامل إنما هي ضرورية لتوصيل المعاني النحوية وعلاماتها لقارئ العربية أو متعلمها .
- العامل اللفظي الظاهر هو أهم العوامل عند الرضي .
- الرضي في شرحه للكافية كان وصفياً , ولكن تظهر في بعض آرائه ملامح المعيارية , كالحذف والتقدير للمحذوفات والزيادة , ولكن ذلك بهدف وضع ضوابط مناسبة للحفاظ على اللغة من خطر اللحن حتى تبقى اللغة صحيحة وسليمة لنتمكن من فهم معاني القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة , وهما من أهم مصادر التشريع الإسلامي .
- الرضي يكثر من الاستشهاد بالقرآن الكريم , كما أنه يستشهد بالقراءات القرآنية لإثبات صحة رأيه.
- الرضي يبدو معيارياً في رده قراءة حمزة : "" تَسَاءَلُونَ بِهِ وَاْلأَرْحَامَ ""[النساء/1] بخفض الأرحام , وربما كان سبب رفضه لها لأنه ظن أن حمزة قال ذلك انتصاراً لمذهبه الكوفي .
- الرضي يستشهد بالأحاديث النبوية الشريفة , ولكنه لا يهتم بتخريجها , ولا يتحقق من صحة الحديث وصيغته , كما أنه كان كثيراً ما يأتي بالحديث لا ليستشهد به على قاعدة نحوية , وإنما ليوضح به معنى كلمة كما فعل ذلك في بيان معنى كلمة ""معرب"" .
- الرضي يستشهد بكلام علي ( رضي الله عنه ) باعتباره من فصحاء العرب .
- الرضي في تجويزه تقدم معمول المصدر عليه إذا كان ظرفاً أو شبهه يُعد متفرداً ."